هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
خاص بالمرأة والطفل
اللهم صل على محمد وآل محمد رب اشرح لي صدري .. ويسر لي أمري .. وأحلل عقدة من لساني .. يفقهو قولي.. اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن .. صلواتك عليه وعلى آبائه .. في هذه الساعة وفي كل ساعة .. ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً .. حتى تسكنه أرضك طوعاً .. وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
هذه إحدى قصص فتيات الوطن في شرق البلاد التي لم تنتظر من يهدي لها واقعاً أفضل وإنما هي من بنته وشكّلته بنفسها. لم تبن واقعاً أفضل لنفسها وحسب فهي تؤمن بكل بنات بلدها وبنينه كذلك وفي حسن استجابتهم للرأي النسائي في خوض عملية التغيير لما هو أفضل.
أينما أذهب وألتقي بفتيات القطيف أجدهن نساء استثنائيات. لم أقابل أي قطيفية تقريباً لم تخض عملاً تطوعياً منذ نعومة أظفارها أو تحمل وعياً متقدماً على سنها. قد يبدو انطباعي مبالغاً فيه ولكنه ليس بعيداً عن الواقع بكثير. فإقليم القطيف بمؤسساته الاجتماعية والتطوعية ومبادرات شاباته وشبابه والعمل الذي لا يتوقف يقدم نماذج متميزة من الإبداع فمن الجوائز إلى المسابقات إلى المهرجانات إلى مشاريع التواصل إلى المنتديات الثقافية والصالونات إلى المعارض إلى الماراثونات إلى الدورات والورش والمؤتمرات. حالة من الحراك الثقافي والاجتماعي لا تنتظر ولا تقبل إلا بأن ينخرط فيها جميع فئات المجتمع وأعماره نسائه ورجاله.
فيمكن بالتالي اعتبار حالة إنعام استثنائية أو اعتيادية في إطار النموذج القطيفي. إنعام العصفور سيدة أعمال ناجحة وأديبة وشاعرة طرقت وتطرق قطاعات غير تقليدية ، ومهتمة بالشأن العام وترى نفسها معنية بالشأن الإنساني للمرأة وبتعزيز مسيرتها وتطوير الحركة الفكرية والثقافية في المجتمع المحلي والعام، حقوقياً وقدراتياً ونفسياً واجتماعياً لتحتل المرأة مراكز ريادية أو على اقل تقدير لتعرف حقها في الوجود.
خريجة إحدى جامعات الوطن أسست ملتقى ثقافيا اجتماعيا أطلقته العام الماضي باسم "الملتقى النسائي الأول" بشكل تطوعي يرافق أعمالا تطوعية لا تنتهي. افتتحت مؤسسة للديكور الداخلي الذي تمارس تفاصيله من مواقعه بنفسها على الرغم من أنها ليست خريجة هندسة معمارية ولكنها اكتسبته بالخبرة وجعلت خريجات الهندسة يسعين للعمل في مكتبها كمتدربات. لكن لم يكن هذا ما أثار اهتمامي بشأنها بل هو موضوع إدارتها لمعملٍ للحوم الطازجة في القطيف، وخاصة إقناع صاحب العمل بأن يوظف نساءً في المعمل عوضاً عن العمالة الوافدة. وقد استقطبت إنعام عدداً من السيدات من مختلف الطبقات اللاتي سوف يمثل لهن هذا العمل فرصة وظيفية في ظل محدودية في التعليم أو ظروف اجتماعية قاسية تجعل المرأة بحاجة لأن تعيل نفسها بنفسها حتى تمكنت من استقطاب ثلاث عشرة فتاة حققن نجاحاً كبيراً في ناتج وأرباح المعمل أدى إلى أن يترقين وترتفع مكافآتهن من ألف وخمسمائة إلى ألفين وخمسمائة في خلال عام ونصف.
إن إيمان هذه السيدة بهؤلاء النساء وقدراتهن لم تكن لها حدود، تسوّق لأرباب العمل كل الحلول وأدلة الإقناع حول ميزة كسب ولاء بنات الوطن وتدريبهن وميزة ضمان استمراريتهن عوضاً عن الخسائر التي يتكبدها رجال وسيدات أعمال من استقدام عمالة أجنبية غير مدربة تتدرب في أروقة معاملنا ومصانعنا ونستهلك عليهم ميزانية ليست بسيطة على تأشيرات وتذاكر وضمانات وسكن ومواصلات ومن ثم رواتب يخسرها الناتج القومي إلى دول أخرى، ثم تغادر ونخسر أيضاً كل مدة التدريب والمهارة التي يحملها العامل الأجنبي معه ليعمل بها في مكان آخر.
تجربة أخرى مشابهة حين أدارت مؤسسة للرخام والبلاط في القطيف، اقتنع رب العمل بإمكانية الاستفادة من المهارات النسائية في أعمال الفسيفساء والتجميع الفني بينما تُقطع الألواح الكبيرة في موقع آخر. وما زالت تقنع وتسعى لنشر هذه الثقافة التي لا ترى أن هناك أي عائق يمكن أن يقف في وجه تأهيل النساء للعمل في وعي متقدم بضرورة التكاتف لإيجاد فرص عمل شريف للنساء في مختلف الوظائف، فالحلول موجودة دوماً والنساء قادرات على التعلم والتدرب.
إن هذه النماذج تعطينا أملاً بغد مشرق وثقة في بناتنا وقدراتهن وتقديراً لطموحهن الذي لا تقف أمامه أي عوائق وصعوبات على الرغم من كثرتها ولكنهن ينهضن ويُعدن الكرة ويرفضن الاستسلام ويتعلمن من التحديات ويحققن أحلامهن فبارك الله في بناتنا وأبنائنا في أي مكان، آمين.